(ميشيل فوكو)
يشكو المشتغلون بالنقد والفكر من الفوضى والتسيب في الاستخدام العشوائي عند ترجمة المصطلحات والمفاهيم، أو ما يعرف بـ"هجرة المصطلح"، فضلاً عن أسباب عديدة آخرى لسنا في صددها هنا، مما يجعل القارئ عاجزاً عن إدراك الفروقات والاختلافات بين هذه النظرية أو تلك، او بين هذا المفهوم وذاك. كما لا يدرك كيف أن المصطلح الواحد قد ينتمي إلى مدارس متعددة، مما يجعل القارئ في حيرة وارتباك، إلى حدود التنفير من العلم، اوأخذ الأمر على أنه مدعاة للسخرية والتندر، وانه لا يعدو ان يكون مجرد لعب عبثى لا طائل من ورائه.
لن ندخل في تفاصيل تتعلق بمفاهيم ومصطلحات علوم النص عامة أو السيميائيات السردية خاصة، أو فيما بين النظريات من تباين واختلافات الأجهزة المفهومية المختلفة للمصطلح الواحد. اذ لا نبالغ إذا قلنا أن لكل نص\خطاب له سياق متميزا لا يشبه غيره من النصوص، وبالتالي فهو يحمل معجمه الخاص به ايضا. او كما اوضح (م. فوكو): "ان الخطاب هو "واقعة" نوعية و لا تتكرر.
تترجم ( system ) غالباً إلى لفظة النظام، أوالنظام الداخلي المنضبط الذي يحكم العلاقات المترابطة للنظام، والتي توثر في بعضها البعض. ورغم صحة الترجمة، إلا أنها غير دقيقة ايضاً؛ لأن المنظم يعني: الترتيب والمتصل والاتساق والانسجام..الخ. وبالتالي تفتقد إلى مفاهيم الحركة والشغل، التي قد تؤديها لفظة جهاز في العربية مثل: جهاز النطق (articulator) أو نظام صوت (system sound).
إذا كانت(definition) الإنجليزية تقابل في العربية الحد أو التحديد.. والحدود هي ما يتعين به المتصور(من الصورة، عكس المثال) ، والحدود هي التعريفات.. فأن تعرف فإنك تقيم حدوداً، كما يقال عادة بالمنطق الأرسطي، وما بعد الحد، فهو إدراك تصور ما (أو مفهوم concept)، فإن مسألة الحدود تؤدي إلى التعريفات، أي إلى المفهوم smile رمز تعبيري الشيء) أو التصور أو الماهيات.
لا يعنينا هنا إقامة الحدود والمفاهيم، بمعنى الهوية smile رمز تعبيري الشيء)، ذلك لأن سؤال الهوية smile رمز تعبيري الماهية): ما هو هذا الشيء؟
ذلك أن دلالة علامة الترقيم (النقطتين)، هنا تعني امتلاك الحقيقة الكاملة والمطلقة والنهائية، وبالتالي لا تحتمل الصدق أو الكذب (أو التأويل)، وكما يقول الشريف الجرجاني: "أن التصور هو إدراك الماهية من غير أن يحكم عليها بنفي أو إثبات".
ولكن ما يعنينا هنا إقامة الحدود، كتصنيف فقط، لصالح التأويل و الاحتمال، او(كيف؟) تشتغل الآليات وشبكة العلاقات البنيوية للنص "من أجل إنتاج معنى".
مدخل اولي:
من المعروف أن "دو سوسير" لم يستخدم مصطلح "بنية" بتاتاً، بل كان يستخدم مصطلح (system)، رغم أن (عبدالسلام المسدي) ترجمه إلى: "جهاز" لدلالتها على معنى الحركة والعمل والآلية، عكس كلمة "نظام" الذي تعني الترتيب الثابت القار". حتى أن (جورج مونان) الألسني الفرنسي الشهير له كتاب بعنوان، (دي سوسيرا أو البنيوي الذي لا يعرف نفسه؛ 1968)،
يقول (جان بياجيه) في كتابه الشهير(البنيوية):
"أما مفهوم البنية، الأكثر قدماً والمعروفة، جاءت مع المفهوم الرياضي "بنية المجموعة" (أو بنيات المجموعات)، التي تم اكتشافها بواسطة (غالوا)؛ وغزت رياضيات (القرن 19) ... وفيما بعد مع "مجموعة البورباكي" (اسم مستعار لمجموعة رياضيين فرنسيين)؛ التي كانت تسعى لإلحاق الرياضيات بفكرة "البنية" أو حتى مع (منطق بول)، أحد أكبر مؤسسي المنطق الرمزي في ذلك القرن، حتى انه أسس جبراً "يدعى جبر بول"؛ على قيمتين أو عمليتين/ بنيتين رئيسيتين؛ هما: " صفر؛ واحد"..
أو كما يقول (جورج مونان) في كتابه (مفاتيح الألسنية؛ ت الطيب البكوش):
"إن اهتمام سوسير بفهم عمل (أو وظيفة) الكلام؛ باعتباره مؤسسة اجتماعية في هذا المكان والزمان بالذات، هو الذي قاده إلى التأكيد على مفهوم النظام(system)، فالكلمة قديمة في الألسنية، ترجع إلى (القرن 18) على الأقل، لكن (دي سوسير) منحها دقة جعلتها ترادف تقريباً "قانون" كما كان يبحث عن الوحدات التي تتركب منها السلسلة المنطوقة، بدون ما قبليات. وهو ما يرجعنا إلى مفهوم التقنين (Encode) رغم أنه كان لا يحب كلمة "بنيه"، فإنها تحاليل بنيوية".
• كبعد لـ (قيم معرفية)
• نتيجة تحقق الانجاز (الفعل في المسار السردي)
......................................................................................